
يُعدّ تخصص الأمراض الصدرية من التخصصات الطبية الحيوية، نظرًا لانتشار أمراض الجهاز التنفسي في موريتانيا مثل الربو، السل، والتهابات الرئة المزمنة بالاضافة الي انتشار سرطانات الرئة وغيرهم. غير أن هذا التخصص يعاني من عدة مشاكل تعيق أداءه، أبرزها وأخطرها نقص الأخصائيين وسوء توزيعهم على المراكز الصحية في البلاد.
1. نقص الأخصائيين وتوزيعهم غير المتوازن: المشكلة الجوهرية
تشكل محدودية عدد الأطباء المختصين في الأمراض الصدرية أكبر عائق أمام تطوير هذا التخصص في موريتانيا. فالعاصمة نواكشوط، التي تضم النسبة الأكبر من السكان، لا تحتوي سوى على مصلحة واحدة فقط للأمراض الصدرية، يعمل بها أخصائيان اثنان لا غير، ما يجعل المواعيد مكتظة، والخدمة محدودة.
المفارقة أن مدينة انواذيبو، التي تضم ثلاثة أخصائيين، تشهد عدد مراجعين أسبوعيًا لا يتجاوز عدد أصابع اليد في بعض الأحيان، وهو ما يعكس خللًا واضحًا في سياسة التوزيع. هذا الوضع يطرح إشكالات خطيرة حول التوازن في الخدمة الصحية ويؤثر على فعالية النظام الطبي ككل.
— -
2. ضعف البنية التحتية والتجهيزات
يُضاف إلى نقص الكوادر ضعف الإمكانيات المادية، فمعظم مستشفيات البلاد تفتقر لأجهزة تشخيص متقدمة مثل أجهزة قياس وظائف الرئة أو الأشعة عالية الدقة. حتى في العاصمة، يعتمد الأطباء على وسائل محدودة تؤثر على دقة التشخيص وخطط العلاج.
— -
3. انتشار الأمراض المزمنة والصدرية المعدية
الظروف البيئية، كالتلوث والغبار، إلى جانب التدخين وسوء السكن، تساهم في زيادة أمراض الجهاز التنفسي. كما لا يزال السل الرئوي يمثل خطرًا مستمرًا، خاصة في ظل نقص برامج الكشف المبكر والتوعية المجتمعية دون الحديث عن وحدة امراض السل المقاوم MDR فهي في حالة يرثي لها وتهدد بانتشار مقاومة المضاداة الحيوية .
— -
4. ضعف التكوين والتخصص المحلي
لا توجد في موريتانيا برامج محلية لتكوين أطباء متخصصين في الأمراض الصدرية، ما يضطر الراغبين في التخصص للسفر خارج البلاد، وهو ما لا يتاح للجميع. هذا يساهم في استمرار الفجوة بين الحاجة والمتوفر من الكوادر.
— -
5. غياب التوعية المجتمعية
لا تزال الثقافة الصحية في مجال أمراض الجهاز التنفسي محدودة. الكثير من المرضى لا يدركون خطورة الأعراض الصدرية، ويلجأون للطب التقليدي أو يتأخرون في طلب العلاج، ما يزيد من تفاقم الحالات ويثقل كاهل النظام الصحي.
— -
الخاتمة
إن أكبر تحدٍ يواجه تخصص الأمراض الصدرية في موريتانيا هو النقص الحاد في الأخصائيين وسوء توزيعهم، وهو ما يجب أن يكون أولوية عاجلة في السياسات الصحية الوطنية. إلى جانب ذلك، لا بد من الاستثمار في التكوين، التجهيزات، والتوعية العامة، لضمان خدمة صحية عادلة وفعالة تحمي حياة المواطنين وتحد من عبء أمراض التنفس.
د. احمد محمد لحويج اخصائي الامراض الصدرية و التنفسية .